-->

سورة الإلحاد

سورة الإلحاد

     و يسألونك عن الإلحاد قل فيه منافع كثيرة للناس.. قل إنه فكر حضاري متطور قائم على مبادئ حقوق الإنسان و تكافئ الفرص و العلمانية .. قل هو بلسم و شفاء لمن أصابه عمى التدين و عجز الخرافات و عاهة الإيمان الغيبي .. إنما الصرع و الهلوسة و الإيمان بالغيبيات و رؤية الجان و معاشرة الرحمن ؛ بالإضافة إلى العنف و الانفعال و التسلط و الترهيب و الإرهاب؛ أعراض داء الإدمان المرضي على التدين البليد التي يعتني بعالجها الإلحاد
    أ لم يآتكم قول الإمام كارل ماركس أن الدين عفيون يجعل الشعب كسولا غير مؤمن بقدراته على تغيير الواقع و أنه تم استغلاله من طرف الطبقة البورجوازية في سحق طبقة البسطاء.
    أ لم يآتكم نبأ سيدنا و مولانا سيغموند فرويد إذ تراءى له الدين وهما كانت البشرية محتاجة إليه في بداياتها ؛و أن فكرة وجود الإله هي محاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل عن شخصية الأب..إذ أن الإنسان في طفولته ينظر إلى والده كشخص متكامل و خارق ؛ و لكن بعد فترة يدرك أنه لا وجود لأي كمال . فيحاول اللاوعي إيجاد حل لهذه الأزمة الإبستيمولوجية فيخلق صورة وهمية لشيء اسمه الكمال.
    أ لم يآتكم نذير آرثر كلارك أن الدين هو أخبث الفيروسات التي تصيب العقل و تتخلص منه بأسرع ما يمكن.
    يا أيها الذين في آذانهم وقر، و على أبصارهم غشاوة، قد جاءكم من الإلحاد نذير من أنفسكم؛ شيخ سورية و حجتها علي ياسين متعتكم العلمانية من فضله؛ يتلو عليكم أن للدين كما للعملة وجهان وجه سلبي هو وجه الظالمين (الطبقة البورجوازية و الحكام و المتآمرون معهم بالعدل والإحسان) ؛ و وجه إيجابي هو وجه المظلومين الذي يعبر عنه السيد المسيح و النبي محمد و ماني و بوذا و أبو ذر الغفاري (وصل أبو ذر الغفاري إلى عقيدة التوحيد؛ فعبد الله و صلى له ثلاث سنوات قبل ظهور الإسلام ؛ أما زيد بن عمرو بن نفيل فقد نهى عن عبادة الأوثان، و كان يتأمل معتكفا بغار حراء شهرا كل عام؛ هو شهر رمضان.أما وأما و أما…)و في نقذه لفلسفة الحق يقصم الإمام ظهر البعير فيجعل الدين خلاصا موهوما صادرا عن وعي مقلوب لعالم مقلوب



    و يسألونك عن الإلحاد ؛ أكفر هو ؟ قل الكفر أدنى من الإلحاد. إنما يتضمن الكفر فكرة الخالق و يأبى الكافر الإفصاح عن إقرارها و الإيمان بها ، وغالبا ما يكون موقفه هذا موقفا سياسيا أو شخصيا أكثر منه عقديا أو فكريا..أما الإلحاد فيجعل من الخالق فرضية قابلة للصحة و الخطأ ، ولكنها فكرة ثانوية غير ضرورية و لا موضوعية.. فهذا جورج سميث يصف الملحد بأنه شخص يعتبر فكرة الله فكرة غير منطقية و غير موضوعية، و يفرق بينه و بين رجل الشارع البسيط الذي ينكر فكرة الإله لأسباب شخصية أو نفسية أو اجتماعية أو سياسية . فالملحد الحقيقي هو الذي غرضه الرئيسي الموضوعية و البحث العلمي ؛ و ليس التشكيك أو مهاجمة أو إظهار عدم الاحترام للدين.
    قل إن الذي أنشأ الإلحاد هو قصور التحليل المنطقي و البحث العلمي عن الإيمان بفكرة الإله الخالق الأعظم الذي يتكلم للبشر بلسانهم و يفكر بآمالهم، و يسارع في هواهم ،و يرسل منهم من ينوب عنه في التبشير بنعيم مثل نعمائهم، و ينذرهم من عذابات مثل جحيمهم..ناهيك..و..ناهيك . و ذلك لانعدام الأدلة و البراهين العقلية؛ و لعدم وجود أي إشارة لخالق هذا الخلق؛ و لعدم وجود أي غرض منطقي لهذا الخالق لخلق هذه البشرية أصلا و من الأساس . و في هذا المضمار يتحفنا سماحة الشيخ فريديريك نيتشه بقوله: الدين فكرة عبثية و جريمة ضد الحياة إذ أنه من غير المعقول أن يعطيك الخالق مجموعة من الغرائز و التطلعات و في نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك إياها مرة أخرى..


    و قل لكل أخرس قاصر التفكير أن كروية الأرض و دورانها حول نفسها وحول الشمس، و اكتشاف نظرية التطور من قبل داروين، و استكشاف القمر و الفضاء ، ونظرية الانفجار العظيم..آيات أولي الألباب و مخصبات جعلت الفكر الإلحادي البسيط،، و المتواضع للعقل، ينمو و يزدهر و يتطور على حساب أفول النجم الغربي للإيمان الغيبي، و القضاء على سرطان التدين المرضي.
    فعن إمامنا و حجتنا ماركس، رضيت العلمانية عنه و أرضته، أن كل تقدم تحققه العلوم يزيل من على وجه الله قناعا من الأقنعة التي يعكسها عليه جهل و عجز الإنسان. فبقدر ما تجعل العلوم من الإله فرضية غير ضرورية لتفسير الظواهر بقدر ما تكشف عن وجهه الحقيقي..و يستطرد الإمام ؛ _ و كأني بهذه القولة ستتفتح لها بعض الأسارير و ستتهلل لها بعض الوجوه و ستكبر لها بعض الحناجر عن جهل و عدم روية._فالإمام يستطرد قائلا : إذا كان الإنسان يستطيع التنبؤ بالأعاصير و الكسوف و الخسوف فهذا دليل على أن الله خلق الكون و أعطاه من الاستقلالية ما يجعله في غنى عن التدخل في سلسلة الأسباب الثانوية. هذه القولة لا تنم عن توبة ماركس أو إقراره بربوبية الإله بقدر ما تنم عن أن الرجل لا ديني أكثر منه ملحد. و العيب هنا ليس عيبه بقدر ما هو عيب المصنفين عن حقد و عن حسد.
    و حتى يكون ختامنا مسك ننهي قولنا بالشاعر الفرنسي فريديريك مسترال
    أمام سيادة الإنسان
    يتراجع الإله
    خطوة ؛
    خطوة



    إرسال تعليق